فصل: الشاهد الرابع والعشرون بعد التسعمائة:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: خزانة الأدب وغاية الأرب (نسخة منقحة)



.الخبر عن إمارة الأمير أبي عبد الله على قسنطينة وأخيه الأمير أبي زكريا على بجاية وتولية ابن القالون على حجابتها:

لما هلك ابن عمر أهم السلطان شأن بجاية لما كانت عليه من حال الحصار ومطالبة بني عبد الواد لها فرأى أي يكشف الحامية بالثغور الغربية وينزل بها أبناءه للمدافعة والحماية وعقد على قسنطينة لابنه الأمير أبي عبد الله وعقد على بجاية لابنه الآخر الأمير أبي زكريا وجعل حجابتها لأبي عبد الله بن القالون مستبدا عليها لمكان صغرهما وأكثف له الجند وأمره بالمقام ببجاية للممانعة من العد والملح على حصارها وارتحلوا من تونس فاتح سنة عشرين وسبعمائة في احتفال من العسكر والأصحاب والأبهة وأبقى خطة الحجابة خلوا ممن يقوم بها وأبقى على ابن القالون وبقي للتصرف في الأمور من رجالات السلطان أبو عبد الله محمد بن عبد العزيز الكردي الملقب بالمزوار وكان مقدما على بطانة السلطان المعروف بالدخلة وعلى الأشغال الكاتب أبو القاسم بن عبد العزيز وسنذكر أوليتهما بعد وانصرف إلى بجاية رافلا في حلل العز والتنويه إلى أن كان من أمره ما نذكره إن شاء الله تعالى والله أعلم.

.الخبر عن استقدام ابن القالون والادالة منه بابن سيد الناس في بجاية وبظافر الكبير في قسنطينة:

لما انصرف أبو عبد الله بن يحيى بن قالون إلى بجاية وخلا وجه السلطان فيه لبطانته عند ولايته ببجاية بثوا فيه السعايات ونصبوا الغوائل وتولى كبر ذلك المزوار بن عبد العزيز بمداخلة أبي القاسم بن عبد العزيز صاحب الأشغال وعظمت السعاية فيه عند السلطان حتى داخلته فيه الظنة وعقد لمحمد بن سيد الناس على بجاية وقام بأمر حصارها وحجابة أميرها إلى أن استقدم للحجابة وكان من أمره ما نذكره ومر ابن قالون بقسطينة في طريقه إلى الحضرة فحدثته نفسه بالامتناع بها وداخل مشيختها في ذلك فأبوا عليه فأشخصهم إلى الحضرة نكالا بهم ونمي الخبر بذلك إلى السلطان فأسرها لابن القالون وعزم على استضافة الحجابة بقسنطينة لابن سيد الناس فأستعفى مشيختها من ذلك وأروه أن ابن الأمين قريبه وابن أخيه وذكروه ثروة أبيه فأقصر عن ذلك وصرف اعتزامه إلى مولاه ظافر الكبير وذلك عند قدومه من المغرب وكان من خبره انه كان من موالي الأمير أبي زكريا وكان له في دولة ابنه السلطان أبي البقاء ظهور وزحف هو بالعساكر عندما استراب السلطان أبو البقاء بأخيه السلطان أبي بكر فأقام بباجة وجاء المزدوري والعرب إلى تونس في مقدمة ابن اللحياني فزحف إليهم ففضوه وتقبضوا عليه كما ذكرنا ذلك كله ثم لحق بعدها بمولانا السلطان أبي يحيى وأعاده إلى مكانه من الدولة وولاه قسنطينة عند مهلك ابن ثابت سنة ثلاث عشرة وسبعمائة.
ثم غص به ابن عمر وأغرى به السلطان فأشخصه في السفين إلى الأندلس وجاز إلى المغرب ونزل على السلطان أبي سعيد إلى أن بلغه الخبر بمهلك ابن عمر فكر راجعا إلى تونس ولقاه السلطان مبرة وتكريما ووافق ذلك وصول الحاجب ابن قالون من بجاية فعقد السلطان لظافر هذا على حجابة ابنه بقسنطينة الأمير أبي عبد الله فقدمها وقام بأمرها واستعمل ذويه وحاشيته في وجوه خدمتها وصرف من كان هنالك من الخدام أهل الحضرة إلى بلدهم وكان بها أبو العباس بن ياسين متصرفا بين يدي الأمير أبي عيد الله والكاتب أبو زكريا بن الدباغ على أشغال الجباية وكانا قدما من الحضرة في ركاب الأمير أبي عبد الله فصرفهما القائد ظافر لحين وصوله واستقل بأمره إلى أن كان ما نذكره إن شاء الله تعالى.

.الخبر عن ظهور ابن أبي عمران وفرار ابن قالون إليه على عينه:

كان محمد بن أبي عمران هذا من أعقاب أبي عمران موسى بن إبراهيم ابن الشيخ أبي حفص وهو الذي ولي أفريقية نائبا عن أبي محمد عبد الله ابن عمه الشيخ أبي محمد عبد الواحد كتب له بها من مراكش لأول ولايته فأقام واليا عليها ثمانية أشهر إلى أن قدم آخر سنة ثلاث وعشرين وستمائة وأقام أبو عمران هذا في جملتهم إلى أن هلك ونشأ بنوه في ظل دولتهم إلى أن كان من عقبه أبو بكر والد محمد هذا فكان له صيت وذكر وكان السلطان أبو يحيى زكريا بن اللحياني قد رعى له ذمة قرابته ووصله بصهر عقده لابنه محمد على ابنته واستخلفه على تونس عند خروجه عنها.
ثم استخلفه على طرابلس عند ركوبه السفينة إلى الإسكندرية وكان أبو ضربة بعد انهزامه وافتراق جموعه اعتصم بالمهدية ونازله بها السلطان أبو بكر فامتنعت عليه وأقلع عنها على سلم عقده لأبي ضربة وأقام حمزة بن عمر في سبيل خلافه على السلطان يتقلب في نواحي أفريقية حتى عظم زنوبه على السلطان ونزع إليه الكثير من الأعراب وكثرت جموعه فاستقدم محمد بن أبي عمران من مكان ولايته لثغر طرابلس وزحف إلى تونس معارضا للسلطان قبل اجتماع عساكره وكمال تعبيته فخرج السلطان أبو بكر عن تونس في رمضان من سنة إحدى وعشرين وسبعمائة ولحق بقسنطينة وصحبه إليها مولاهم ابن عمر وكان الحاجب محمد بن يحيى بن القالون قد غصته البطانة والحاشية بالمعاية فيه عند السلطان وتبين له انحرافه عنه وكان معن ابن مطاع الفزاري وزير حمزة بن عمرو صاحب شواره صديقا لابن القالون ومخالصا فداخله في الاجلاب بابن أبي عمران فلما خرج السلطان أمام زحفهم تخلف ابن القالون بتونس وركب من الغد في البلد مناديا بدعوة ابن أبي عمران ودخل محمد بن أبي عمران ثانية خروج السلطان واستولى على الحضرة وأقام بها بقية سنته وصدرا من أخرى ولحق السلطان بقسنطينة فجمع عساكره واحتشد جموعه وأزاح العلل واستكمل التعبية وزحف منها في صفر سنة اثنتين وعشرين وسبعمائة وخرج ابن أبي عمران للقائه مع حمزة بن عمر في جموع العرب ولقيهم السلطان أولى وثانية بالرجلة وأوقع بهم وقتل شيخ الموحدين أبا عبد الله بن أبي بكر وكان على مقدمتهم محمد بن أبي منصور بن مزني وغيره اثخنت العساكر فيهم قتلا وأسرا وكان للسلطان فيها ظهور لا كفاء له ثم تقبض على مولاهم ابن عمر فكان من خبره ما نذكره إن شاء الله تعالى.